الجار الجديد
يتذمرُ من عشّاق قطتنا
ويخرق حرمةَ التقاليد
وفي بيتنا دوما كانت الألفة
لا تمنع العصافيرَ عن نوافذنا
ولا تصدّ الأبواب في وجه المواء
ولهم نهييء قصعة حليبٍ
على حافة الدرج
ونرشُّ البرغل للحمام.
ملعباً للريح كان البيتُ
والماء يتجوّل حراً في أرضِهِ
سبعةَ أفرعٍ
وليست للمفاتيح تلك الأهمية
فالباب مفتوحٌ والقهوةُ تغلي
وصورة العذراء وآيةُ الكرسي
كفُّ أمانٍ ممدودةٌ لكلِّ ضيف.
ادخلوه
وأنصتوا لشجارٍ مستعرٍ بين فتاتين
لهمهمةِ عشقٍ هاتفي
لصوتٍ يحفظ الآيات
وطفلةٍ ترقصُ على لحن أحلامِها
وتحادثُ المرآة
ينتقد الجارُ اللئيمُ فوضى العرائشِ
يقلّم أطرافَ حكايانا الطائشة
ويرفع رايةَ العصيان
وعبثاً سيكون تفسيرُ البيت
للمستوطن الجديد.
دمشقُ..
لم يبق وجوهٌ في الذاكرةِ
الأمكنة فقط تعيد للأسماءِ ملامحها
جسرٌ وحديقةٌ وشارعٌ فرعي
وساحةٌ كتنورة راقص الحضرة
تخلق في تجوالِنا الحالَ
وعلى محيطها سور من الحب
تتقافز فوقَه رعونةٌ جريئة
ويتخطاه خجلٌ مقدام.
أتذكرين؟؟
شربنا الشاي بلا سكر
وقطعنا من الشراشف القديمة المناديل
واستبدلنا الليمون بالحصرم
وغنينا للجوعِ كي ينام
غرسنا سنارتين في قالب الصابون
لفتح الشاشة العمياء
ولم يغب قمرٌ للشام
إلا وأشرق احتمال السجنِ
والحريةُ في حلمنا
تطفح خزائن المؤنِ
من جيوب التدبير الخاوية
ووشم الأنفة يميزنا بين الشعوب
تشتدّ عقدة الأسى بين الحاجبين
وتنفرجُ في مسلسلاتنا الضحكات
أبناء الزمن كنّا
لم تطوحنا الرموزُ
ولم نسجد لها
طرنا إلى الغربة كالفراشات
نتحرّق على نسمة في قاسيون
يهرعُ الجارُ النكدُ
يمسحُ السلالمَ بقطران حقده
ويلقي على سطحنا نفاياه
يقدم للآخرين طبق العاهرة
وأصابعنا مغمسة بصحون الأمهات
لم تكن يد أهلنا في شتاته
كانت مؤخرتُه مربضاً لخيلِ العابرين
الجار يتذمرُ:
بيتكم مأوى للقادمين
أحتدّ:
وبيتك مصعدٌ للهبوط
فلتغادر بجدرانك الملساء
بلاطُ دارِنا نَهِمٌ كالتراب
وفيه غراسُ أقدامنا
يرعاها ظلُّ الشمس
نحن غبنا ولم نهجرْ
فلا تطمع بصدرِ الدار
واحذر أظافرَ العتبة.
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدى لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع الغاء مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع التصويت في هذا المنتدى